
وجدة تختنق اقتصاديًا.. تجار على حافة الإفلاس وشباب في مواجهة البطالة
تعيش مدينة وجدة، عاصمة الشرق المغربي، حالة من الكساد التجاري المزمن الذي يخنق أنفاسها الاقتصادية يوماً بعد يوم. تجار كثر باتوا يواجهون شبح الإفلاس في ظل تراجع حاد للقدرة الشرائية وغياب دينامية اقتصادية قادرة على بعث الحياة في أسواق المدينة التي كانت لعقود قلباً نابضاً للتبادل والازدهار.
الركود الذي يضرب وجدة لا يُختزل فقط في انخفاض المبيعات أو تقلص عدد الزبائن، بل أصبح ظاهرة بنيوية تنذر بانهيار تدريجي للنسيج التجاري المحلي. في الأسواق التقليدية كسيدي عبد الوهاب وسوق الفلاح وسوق مليلية، تبدو المحلات شبه خاوية، بينما أصحابها ينتظرون زبوناً عابراً ينقذ يومهم التجاري. كثير منهم أغلق أبوابه، وآخرون يستعدون للمغادرة في صمت.
العوامل التي أدت إلى هذا الوضع معقدة ومتشابكة. إغلاق الحدود مع الجزائر كان بمثابة الضربة القاضية، إذ حرم المدينة من أحد أبرز روافدها الاقتصادية لعقود. ومع انقطاع التهريب المعيشي وتراجع حركة التنقل، فقد الآلاف من المهنيين والعمال مورد رزقهم الوحيد. إلى جانب ذلك، تسببت المنافسة الشرسة للتجارة غير المهيكلة والباعة الجائلين في ضرب التجارة المنظمة، وسط عجز السلطات عن فرض نظام يحمي التجار القانونيين.
المتضرر الأكبر من هذا الوضع هم شباب المدينة، الذين يعانون من بطالة قاتلة تدفع بالكثير منهم إلى الهجرة الداخلية أو التفكير في “الحريك”. فرص التشغيل شبه منعدمة، والاستثمار الخاص مجمّد بسبب ضعف الجاذبية، وانعدام التحفيزات، وغياب رؤية تنموية متكاملة.
رغم بعض المبادرات التي أُطلقت لإنعاش المدينة، إلا أن تأثيرها ظل محدودًا، وسط شعور عام بأن وجدة تُترك لمصيرها في صمت. فلا مشاريع كبرى، ولا استثمارات مهيكلة، ولا إرادة سياسية واضحة لكسر دائرة العزلة.
الكساد التجاري في وجدة لم يعد مجرد ظرفية طارئة، بل تحوّل إلى عنوان لأزمة أعمق، تهدد التماسك الاجتماعي والاقتصادي في الجهة الشرقية ككل، وتطرح بإلحاح سؤال: من ينتشل وجدة من هذا الغرق الصامت؟