
وجدة تُخلّد 20 سنة من المبادرة الوطنية: مسار تنموي يضع الإنسان في قلب التحول
خلّدت ولاية جهة الشرق، يوم الإثنين 19 ماي 2025، الذكرى العشرين لانطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، من خلال تنظيم لقاء تواصلي بمقر الولاية تحت شعار: “20 سنة في خدمة التنمية البشرية”، برئاسة والي جهة الشرق عامل عمالة وجدة-أنجاد، السيد خطيب الهبيل، وبحضور عدد من رؤساء المصالح الإدارية وشخصيات مدنية وعلمية، وممثلي جمعيات المجتمع المدني.
وفي كلمته الافتتاحية، أكد الوالي أن المبادرة الوطنية، التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس سنة 2005، شكلت نقطة تحول حاسمة في مقاربة التنمية، حيث أعادت الاعتبار للعنصر البشري باعتباره محور السياسات العمومية، وسعت إلى تكريس العدالة الاجتماعية والإنصاف المجالي كمرتكزات أساسية للنهوض بالمجتمع. وأضاف أن جهة الشرق، وعلى امتداد عشرين سنة من تنزيل هذه المبادرة، شهدت تحولات ملموسة على مستوى مؤشرات التنمية، من خلال تنفيذ ما يفوق 1000 مشروع تنموي بعمالة وجدة-أنجاد، بغلاف مالي تجاوز مليار درهم، منها 560 مليون درهم ساهمت بها المبادرة الوطنية، همّت قطاعات حيوية كالتعليم والصحة والبنيات التحتية والإدماج الاقتصادي والاجتماعي.
وسلط الوالي الضوء على أهمية الأثر الإيجابي للمشاريع المنجزة، لكنه في المقابل أشار إلى وجود تحديات ميدانية تستدعي التقييم الموضوعي لتجويد الأداء وتحقيق نجاعة أكبر في التدخلات التنموية، مؤكداً أن هذا التقييم ليس تمريناً تقنياً فقط، بل أداة استراتيجية لتصحيح المسار وضمان استدامة الأثر التنموي، مشدداً على أن انخراط جميع المتدخلين، وخصوصاً الشباب، يظل عاملاً حاسماً لإنجاح هذا الورش الملكي الطموح.
ومن جهته، اعتبر العلامة مصطفى بنحمزة، رئيس المجلس العلمي المحلي، أن هذه المناسبة ليست احتفالاً مناسباتياً فارغاً من مضمونه، بل وقفة تأمل في تجربة مغربية رائدة تجسد مفهوم التضامن الفعلي على الأرض. وأوضح أن المبادرة الوطنية، بما تحمله من فلسفة اجتماعية، تُعد تجربة متفردة في العالم العربي، وأقرب إلى النموذج المغربي الأصيل في التكافل، مشيراً إلى أن الوثيقة التي عرضها والي الجهة تُعد مرجعاً رسمياً غنياً بالمعطيات ذات الدلالات العميقة.
كما عرفت المناسبة تدخلات لعدد من الفاعلين الجمعويين، من بينهم السيدة حورية عراض، رئيسة جمعية الشبيبة للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وأصدقاؤهم، التي نوهت باهتمام الوالي المتواصل بقضايا الفئات الهشة، واستعرضت تجربة الجمعية التي حظيت بزيارتين ملكيتين كان لهما الأثر البالغ في تعزيز موقع الجمعية ومشاريعها داخل البرنامج الأفقي. كما أشادت بالدعم الملموس الذي تلقته الجمعية من السلطات، خاصة ما تعلق بتوفير وسيلة نقل مخصصة للأطفال ذوي الإعاقة المستفيدين من برامج التربية الخاصة، والعلاج النطقي والترويض الطبي، إلى جانب مبادرات أخرى همت إدماج المهاجرين القاصرين وخلق تعاونيات مندمجة لفائدة الشباب.
وفي لحظة ذات طابع إنساني ورمزي، تم تسليم سيارتين لفائدة جمعيتين فاعلتين في المجال الاجتماعي، الأولى للجمعية الخيرية الإسلامية، والثانية لجمعية الشبيبة للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، في خطوة تروم تعزيز خدمات التمدرس والنقل الاجتماعي وتحقيق الإنصاف في الولوج إلى الحقوق الأساسية.
وقد اختتم اللقاء بشهادات مؤثرة من مستفيدين من مشاريع المبادرة، في مجالات متنوعة، جسدت الأثر الإيجابي لهذا الورش الملكي الذي ما فتئ يضع الإنسان في صلب معادلة التنمية، ويؤكد أن المغرب يراكم، منذ عقدين، تجربة فريدة في مجال التنمية البشرية الشاملة.