قسم المستعجلات الجديد بوجدة بين صور التأهيل وأسئلة العلاج الغائب

تداولت صفحات التواصل الاجتماعي، خلال الساعات الأخيرة، صوراً توثق لافتتاح قسم المستعجلات بالمركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بوجدة، في حلته الجديدة، بعد عملية توسعة وإعادة تأهيل شملت البنيات والتجهيزات، وفق ما تم تداوله من معطيات تشير إلى تكلفة مالية مهمة خصصت لهذا الورش.

الصور المنتشرة أظهرت وجهاً حديثاً للقسم المعني، وسط إشادات ظاهرية بجودة البنية الجديدة. ويأتي هذا المشروع في إطار تفعيل مضامين الورش الملكي المتعلق بالحماية الاجتماعية، والذي يضع تحسين ظروف الاستقبال والعلاج في مقدمة أولوياته، كما أكد البلاغ الرسمي للمؤسسة الصحية.

غير أن الملاحظات الميدانية وعدداً من الشهادات القادمة من المرتفقين، تكشف أن الصورة الظاهرة لا تختزل الواقع بكامله. فالمشكلة، كما يردد العديد من المواطنين، لا تكمن فقط في جودة البناء، بل في عمق الخدمة الصحية المقدمة. فرغم توسعة الأقسام وتجديد المرافق، تظل معاناة المرضى مستمرة، خصوصاً في غياب عدد من المستلزمات الطبية الأساسية التي يُفترض توفرها في مرفق استشفائي بهذا الحجم.

فما الجدوى من قاعات حديثة، يقول المرتفقون، إذا كان على المرضى إحضار مواد علاجية أولية مثل “البيتادين”، و”القفازات الطبية”، وأحياناً حتى “البنج”، قبل تلقي الإسعافات الأولية؟ ألا يُفرغ ذلك الورش الملكي من مضمونه، ويحوّل شعارات “أنسنة المرفق” إلى عبارات للاستهلاك فقط؟

كما تُطرح علامات استفهام حول آجال إجراء الفحوصات المتخصصة، سواء عبر “السكانير” أو “الرنين المغناطيسي” (IRM)، والتي، بحسب تصريحات عدد من المواطنين، تتطلب مواعيد قد تمتد لأسابيع أو حتى أشهر، حتى في حالات تتطلب تدخلاً عاجلاً.

ويجمع المهنيون والمواطنون على أن توفير البنيات التحتية ليس سوى الشطر الأول من الإصلاح، بينما يبقى الجزء الأهم متمثلاً في تأهيل العنصر البشري، وضمان جاهزية التجهيزات، وتوفير الأدوية والمستلزمات، وتيسير الولوج إلى الخدمات، دون أن يُطلب من المريض أن يتحول إلى “مزوّد خارجي” للمؤسسة الصحية.

عبارة تكررت على لسان أحد المرتفقين تلخص كل شيء: “المستعجلات ها هي، والدوا فين هو؟” جملة بسيطة في ظاهرها، لكنها تختصر مأساة يعيشها عدد من المغاربة ممن يجدون أنفسهم وجهاً لوجه مع المرض، وعليهم أن يتحملوا التكلفة النفسية والمادية لنظام صحي لا يزال في حاجة إلى الكثير من الإصلاح الحقيقي، لا التجميلي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى