صرخة في صمت المستشفى الجامعي لوجدة

في قلب مدينة وجدة، حيث الأمل معلّق في عيون المرضى وأسرهم، يقف المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس كصرح طبي ضخم، كان من المُفترض أن يكون حلاً لمعضلات صحية مزمنة في جهة الشرق، فإذا به يتحوّل في نظر كثيرين إلى ممر طويل من الانتظار، الألم، والانكسار.

قصص المرضى في هذا المستشفى لا تُروى فقط على أسِرّة المرض، بل في الممرات، في قاعات الانتظار، وعلى أرصفة الأمل المؤجل. من تأجيل العمليات الجراحية بسبب نقص في الأطباء والتجهيزات، إلى غياب التواصل الإنساني مع الحالات المستعجلة، يعيش المواطن الشرقي اليوم وضعاً صحياً مقلقاً يُهدّد كرامته وصحته في آنٍ معاً.

“جيت مع الوالدة من تاوريرت، عندها موعد مع الطبيب منذ ثلاث شهور، وصلنا مع الفجر، وخرجنا مع الغروب بلا نتيجة، الطبيب غائب والممرضين ما عندهم جواب”، يقول عبد القادر، وهو يحاول أن يُخفي غضبه على باب المستشفى. أمثال عبد القادر كُثُر، يتنقلون من قرية لأخرى، ومن مدينة لأخرى، ليلتحقوا بمركز قيل إنه جامعي، لكنه لا يرقى، في كثير من تفاصيله، إلى أبسط مقومات الكرامة الطبية.

الطواقم التمريضية، رغم تفانيها في بعض الأقسام، تئنّ بدورها تحت ضغط العمل ونقص الموارد، في حين يشكو الأطباء من قلة التحفيز وتدبير إداري لا يرقى لطموحات الكفاءات الشابة. أما المواطنون، فقد صاروا يقيسون الزمن بمواعيد بعيدة ومُرهقة، وبتقارير طبية تنتظر توقيعاً أو فحصاً قد لا يأتي إلا بعد أشهر.

الوجدان الجماعي للمرضى وأهاليهم بات مشحوناً بخليط من الإحباط والغضب: هل يعقل أن مستشفى جامعي حديث العهد لا يتوفر على أطباء متخصصين في فترات حرجة؟ هل يعقل أن يتنقل المواطن من جرسيف أو بوعرفة أو جرادة، ولا يجد سريراً لأمه المريضة، أو فحصاً لطفل يعاني من تشنجات خطيرة؟

لقد آن الأوان لإعادة فتح هذا الملف بصراحة وجرأة: لا تنمية بدون صحة، ولا كرامة بدون مستشفى يُنصف المرضى قبل أن يُبهر الزوار بواجهته الزجاجية. المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بوجدة ليس بحاجة إلى المزيد من الخطابات الرسمية، بل إلى نهج إداري مسؤول، واستراتيجية طبية تُعيد الاعتبار لأبسط حق إنساني: الحق في العلاج، دون إذلال أو تأجيل أو محسوبية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى