
الذهب يستعيد بريقه وسط تقلبات الأسواق
لم تتأخر تداعيات الاتفاق التجاري الأخير بين الولايات المتحدة والصين في التأثير على مؤشرات الأسواق العالمية، حيث سجل الذهب تعافياً ملحوظاً، مقابل استقرار نسبي في أسعار النفط، واستمرار قوة الدولار الأمريكي.
وفي ظل هذا السياق الدولي، رصد مهنيون مغاربة في قطاع الذهب والمجوهرات ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار المعدن النفيس، مؤكدين أنه ما يزال يحتفظ بقيمته الاستثمارية والادخارية، رغم كل ما شهده شهر أبريل من توتر تجاري أثارته الرسوم الجمركية المفروضة من قبل إدارة ترامب.
وأوضح فاعلون في تجارة وصياغة الحلي والمجوهرات أن الإقبال على شراء الذهب يظل متذبذباً حسب الظروف الاقتصادية والفئات الاجتماعية، بينما يبقى الفارق بين السعر الدولي ونظيره المحلي عاملاً مقلقاً لدى التجار.
موجة اقتناء بعد الاتفاق
مع إعلان تخفيف الرسوم الجمركية بين القوتين الاقتصاديتين العالميتين، شهدت أسواق المعادن موجة اقتناص للصفقات بعد أن كانت أسعار الذهب قد تراجعت إلى أدنى مستوياتها خلال أسبوع. في المقابل، ارتفع سعر الأوقية إلى 3250.50 دولاراً في السوق الفورية، في حين سجلت العقود الأمريكية الآجلة للذهب 3255.30 دولارًا، بارتفاع قدره 0.9%.
أسعار محلية مرتفعة وفروق مقلقة
في المغرب، أكد إدريس الهزاز، رئيس الفيدرالية الوطنية للصياغين، أن أسعار الذهب عرفت زيادة تقارب 15% خلال شهر واحد فقط، مشيراً إلى أن ثمن الغرام من الذهب عيار 18 بلغ حوالي 837 درهماً، بينما يلامس سعر المصوغ حدود 1000 درهم للغرام، خاصة لدى الفئات الميسورة التي تواصل اقتناء الذهب بغرض الادخار أو الاستثمار.
وسجل الهزاز أن الفارق بين الأسعار العالمية وتلك المعتمدة في السوق المحلية يتراوح بين 100 و140 درهماً للغرام، وهو فارق يُعزى إلى استمرار ظاهرة التهريب، وغياب آليات ضبط السوق بشكل فعال، وهو ما يزيد من كلفة الذهب محلياً بغضّ النظر عن الظرفية الدولية.
وأشار أيضاً إلى أن المضاربات في البورصة تدفع أسعار الذهب إلى مستويات تعادل ثلاثة أو أربعة أضعاف حجم المعدن المتداول فعلياً، لافتاً إلى ارتفاع الطلب من أسواق كبرى كالصين والهند على الذهب والمجوهرات، مما يساهم في ارتفاع السعر عالمياً.
استثمار آمن رغم الغلاء
من جهته، يرى حسن أوداود، تاجر ذهب متخصص في المجوهرات، أن الذهب يظل أحد أكثر الأصول الآمنة استثمارياً، رغم تقلب الأسعار. وقال إن قيمة الغرام من الذهب في السوق المغربي ارتفعت خلال السنوات الأخيرة من 400 و500 درهم إلى مستويات تقارب 700 درهم، ومن المرتقب أن تلامس الألف درهم لاحقاً.
وأكد أن الاستثمار في الذهب لا يقتصر على الأثرياء، بل يمكن لأي شخص تحقيق مكاسب إذا تم الشراء في الوقت المناسب، معتبراً أن الذين خاضوا تجربة الاستثمار في المعدن الأصفر نادراً ما يتكبدون الخسارة، إذ يظل الذهب أصلًا طويل الأمد في الحفاظ على القيمة.
نقص المادة الخام ومعضلة السوق
في ظل هذه المعطيات، أشار المتحدث إلى وجود نقص كبير في المواد الخام من المجوهرات الذهبية داخل السوق المحلي، ما يضطر التجار إلى إعادة صهر واستعمال الحلي القديمة لتعويض هذا النقص، داعياً إلى إيجاد حلول قانونية وتنظيمية عاجلة لتوفير المادة الأولية وتسهيل ولوجها، حتى لا يظل السوق رهين الندرة وغلاء الأسعار.
ورغم التقلبات، فإن الذهب يواصل جذب المستثمرين بصفته ملاذاً آمناً في ظل اللايقين الاقتصادي، فيما يظل القطاع المغربي بحاجة إلى إصلاحات هيكلية تُمكّنه من مواكبة الأسواق الدولية، وتقليص الفجوة بين الأسعار العالمية والمحلية.